المآذن أو المنارات
الأذان لغة هو الإعلام، ويستعمل كحقيقة عرفية في النداء للصلاة أو الإعلام للحج، والمآذن والمنارات اسمان للمكان الذي يتم منه الإعلام بدخول وقت الصلاة وقد استعمل الاسمان في المشرق الإسلامي، وقد أطلق لفظ المنارة على المآذن حيث كانت تضاء بالأنوار عند الغروب في رمضان وتظل مضاءة حتى طلوع الفجر ثم تطفأ إيذانا ببدء يوم جديد من أيام الصيام، أما في بلاد المغرب العربي والأندلس فيطلق على المآذن لفظ الصوامع ويرجع ذلك إلى أن أغلب مآذن المغرب الإسلامي ذات شكل مربع وهو يشبه أبراج الصوامع، وفي كتب اللغة صمع البناء أي أعلى فيه وجعل له ذروة.
ولقد دخلت المئذنة متأخرة في بناء المساجد ويعتقد أن أولاها تلك التي بناها زياد بن أبيه بالحجارة في مسجد البصرة عند تجديده سنة 45هـ ، تلا ذلك بناء أربع صوامع في أركان جوامع عمرو بن العاص سنة 53هـ ، أما أقدم مئذنة في العالم الإسلامي ومازالت محتفظة بشكلها الأول بالرغم من التعديلات التي طرأت عليها فقد أقامها عقبة بن نافع ما بين سنتي 50 و 55هـ بمسجد القيروان وهي تعد نموذجا لمآذن مساجد المغرب العربي والإندلس، أما في العراق وبلاد فارس فقد أخذت المآذن شكلا أسطوانيا وأحيانا ملويا يدور السلم من خارج بدنها كما في مسجدي سامراء وأبي دلف بالعراق وقد اقتبس أحمد بن طولون نفس فكرة ملوية مسجد سامراء حين بنى مئذنة مسجده المعروف بالقاهرة والتي تعد أقدم مآذن القاهرة من حيث احتفاظها بشكلها الأول، ولقد تطور شكل المآذن بمصر خاصة في العصر المملوكي حيث أصبحت تبدأ بقاعدة مربعة يعلوها قسم مثمن ثم قسم دائري منتهية برأس أو رأسين أحيانا يعلوهما مبخرة أو الجوسق.
أما المآذن التركية العثمانية فلقد امتازت بالجمال والرشاقة مع استقامتها ونهايتها المخروطية على شكل القلم الرصاص المبريّ ولقد شيدت على مثالها مئذنة جامع محمد علي بالقاهرة وغيرها من المآذن التي تختال مرتفعة في بلاد المسلمين مرددة جميعها خمس مرات كل يوم من المشرق إلى المغرب آذان المسلمين: الله أكبر، الله أكبر.
(من كتاب موسوعة عناصر العمارة الإسلامية للكاتب يحيى الوزيري)